نَصـَـحَ أحد اﻷولياء العُلماء أَحد تلامذتِه ، فَقــال :
"يا ولـدي ، إنْ مَلَكْـتَ عَقْلاً حَقيقيـّاً ما مِلـْتَ الـى الدُّنيـا وانْ مالَـتْ لكَ لأنـَّها خائِنـَةٌ كذّابةٌ تضحَـكُ على أهلِهـا ، مَن مالَ عَنها سَلِمَ منـها ، و مَن مالَ إليـها بـُلـِيَ فيها . هيَ كَالحَيـّةِ ليـــِّنٌ لَمسُها قاتـِل سُمـُّها ، لذّاتــُها سَريعـةُ الزَّوال و أيّامُــها تَمضـي كَالخيال ، فاشْغَلْ نَفْسـَكَ فيهـا بِتقوى الله و لا تَغفَل عن ذِكـرهِ تعالى . يا وَلـدي ، إنْ تَعَلـَّمتَ و سَمِعْـتَ نَقلاً حَسَـناً فاعمَل بـهِ و لا تَكُن منَ الذيــنَ يَعْلَمـونَ و لا يَعْـمَلون و العَـجَبُ مِمَّن يَعلمُ أنـــّهُ يموتُ كيفَ ينسى الموت ، و العَجَبُ ممَّن يَعلمُ أنَّهُ مفــارقُ الدنيـا كيفَ يَنْكَبُّ عليها و يَقطَعُ أيامـَه بمحـَبّـتِها . ضيَّعتمُ الأوقات باللَّهوِ و النِّسيان و قَطَعتمُ الأيامَ بالغفلةِ و العِصيان ، مـِزاحُكُم مِزاح مَن أمـِنَ النّدامة و لهوكُـم لهوُ من لم يَسمَـع بيـومِ القيامة كأنَّكم إلى القبورِ لا تَنظرون و بمَـن سَكنَـها لا تَعتـبرُون . يا ولـدي ، مــا أَكَلتــَه تـُفـنيـه و مـا لبستَهُ تـُبليـه و الرجــوعُ إلـى اللـــهِ حَتْمٌ مَقْضـــيٌّ وفِراقُ الأحبَّةِ وَعدٌ مَأتيٌّ ، الدنيا أوَّلهـا ضَعفٌ و فُتـور و آخِــرُها مَـوتٌ و قبــور " .